الكذب هو القيام بإلباس الأمور التزييف، سواء كان تزييفًا كاملًا أو جزئيًا، وهو القيام بخلق قصص و قول أمور لم تحدث أو أنها قد حدثت و لكن ليس على النحو الذي رويت به
والكذب درجات و أنواع فهناك الكذب العادي الموجود عند جميع الناس و الذي يحدث بقصد الخداع لتحقيق أغراض معينة سيئة أو حسنة، أما الكذب المتواصل واللجوء إليه بشكل مستمر فهو ذلك الكذب المرضي الذي سنتعرف في هذه المقالة على علاماته و سبل علاج الكذب عند الأطفال.
علامات الكذب عند الأطفال:
- عدم النظر إلى أعين مخاطبيه بصورة مباشرة، لأنه يعلم بشكل لا شعوري أن النظر بشكل مباشرة سيؤدي إلى ظهور علامات الكذب في عينيه و ينفضح أمره.
- اللجوء إلى أكثر العبارات اختصارًا، فإذ لا يمتلك الحجة الكافية، يعمد إلى استخدام عبارات من كلمات قليلة، تكون على نحو جازم، غير مبني على سندات قوية.
- قد يستخدم شكل الجدية من أجل أن ينفي عن نفسه الضعف الذي يفرضه عليه كذبه، فهو يهيج و يغضب.
- القيام بلمس الوجه أو النظارة، هذه سلوكيات تلقائية تفضح أمر الكاذب، لأنه يحاول من خلالها إخفاء علامات الكذب التي تظهر على وجهه.
- تكرار نفس الكلمات، و المبررات نفسها، فهو يفتقر إلى موضوعية الخطاب، و يلجأ إلى القلة القليلة من الأكاذيب التي اختلقها و اعتمد عليها في حواره.
- استخدام أسلوب التعميم، كأن يقول: جميعنا كنا هناك أثناء حدوث هذه الواقعة، فهو بالتالي يضفي على الأمور اللبس، و ينفي عن نفسه التهمة بهذه الحيلة، و بدلًا من أن يقول (أنا)، يقول (نحن، و الغالبية، و الناس).
- المصاب بمرض الكذب ينسى بسرعة، فهو يأتي ليناقض نفسه في أقوال أخرى أو تصرفات، كما أنه يصف الآخرين بأسوأ الأوصاف، و يحقر منهم و ينسب لهم صفات دميمة.
- تحريك الرأس بسرعة.
- عدم انتظام الأنفاس.
- تكلف الثبات اثناء الوقوف بطريقة واضحة، و ذلك على خلاف السلوك العادي للأشخاص، و الذين يميلون إلى التحرك بعشوائية و أريحية.
أسباب الكذب عند الأطفال:
لا يمكن علاج الكذب عند الأطفال بدون إلقاء النظر على الأسباب و الدوافع وراء ذلك من أجل إبطالها، و الكذب في المطلق يأتي نتيجة لقاعدتين عامتين، و هما جني المكاسب، أو تجنب العواقب، و وصف الطفل بأنه كاذب بصورة مستمرة، و عقابه على ذلك بالضرب و التعنيف و الحرمان يؤدي بالتالي إلى تفاقم الحالة،
ذلك أن وصف الإنسان بالسلوك بصورة مستمرة يجعل عقله الباطن يصدقها و بالتالي يكتسبها كصفة أساسية فيه، في علم النفس هناك كتابات حول ما يعرف بـ”تحقيق النبوءة”، يعرف هذا ببساطة في قيام الإنسان بتحقيق نبوءتك عنه، و يسلك السلوك الذي تتوقعه منه، فإذا توقعت منه بأنه كاذب، يقوم هو بالتبعية بالكذب.
وتكون أسباب الكذب عند الأطفال هي:
- استخدام العقاب القاسي، فحينما يكون عقابك مؤلمًا على المستوى النفسي و الجسدي للطفل، يلجأ الطفل إلى حيلة الكذب بصورة مستمرة من أجل الهروب من هذا الإيذاء الواقع منك عليه، فنمط العلاقة بين الأباء ينبغي أن يتسم بالرحمة، و التفهم، و التماس الأعذار، و التحفيز على الصدق و مسامحة الطفل عند الاعتراف بخطأه، أما أسلوب التحقيق الجاف فهو يأتي بعكس مراده.
- الإنكار، فيعمد الطفل إلى كبت بعض الذكريات التي تسبب له حالة من الإيلام، و يقول بأنها غير موجودة.
- التقليد، الإنسان بطبعه يميل إلى التقليد، لذلك فهو يتاثر بالممثلين و المشاهير و يرتدي الموضة و يكرر إفيهات الأفلام و ما إلى ذلك، أما عن الطفل، فيكون التقليد عامل أساسي في تعلمه و تأسيس سلوكه في الحياة، فحين يجد أن الكبار يكذبون بطريقة ماهرة، فيها خفة ظل و خداع للآخرين بطريقة تضفي عليهم نوع من الجاذبية، يقوم الأطفال هم أيضًا بالكذب للحصول على نفس هذه الجاذبية ظنًا منهم أنه سلوك حسن.
- استرعاء الانتباه، فالإنسان في مرحلة الطفولة يكون في أمس الحاجة للانتباه، و هو يقوم بالعديد من التصرفات من أجل الحصول عليه من الآخرين منها الكذب، فيختلق الطفل الأكاذيب التي تجعل منه رائعًا و محلًا للفخر أمام الآخرين ليزيدوه من عبارات المدح.
- كراهية الآخر، يمكن للطفل أن يكون كارهًا لطفل آخر أو شخص آخر، فيلقي عليه بالتهم الكاذبة لينال منه و يؤذيه.
- التودد إلى الآخرين، يريد الطفل أن يكون صداقات مع غيره، فهو يتودد إليهم بادعاءه بأنه يحب الأمور التي يحبونها، و يهتم بما يهتمون به.
- الوفاء، يمكن للطفل أن يدفع عقوبة عن أخيه أو صديقه من الكبار، و ذلك باستخدام الكذب الذي ينفي من خلاله التهمة عنه.
- انهيار الثقة، يحدث هذا عند قيام الوالدين بتكذيب الطفل بصورة مستمرة، رغم أنه يقول الحقيقة، فهو حين يتعرض لذلك العنف النفسي جراء تكذيبه، يعمد إلى الابتعاد عن الصدق، و قول الكذب، من أجل تجنيب نفسه هذه الآلام.
- الصورة الذهنية عن نفسه، فكما أوردنا أنه عندما يتم وصفه بالكاذب مرارًا و تكرارًا يصدق هذه المزاعم عن نفسه، فيتعامل بها و يكذب.
- جني المكاسب، فهناك مكاسب يمكن للطفل تحقيقها عند قيامه بالكذب، تلك التي لا يتمكن من الحصول عليها عند قوله للحقيقة.
- تأليف الاكاذيب، ليحصل الطفل على دور البطل، يقوم بتأليف قصة لم تحدث لأصدقاءه، من أجل أن ينال إعجابهم.
علاج الكذب عند الأطفال:
- يحتاج الطفل إلى منسوب مرتفع من الاحتواء و الحنان، ذلك يخلق جو من الاطمئنان لديه تجاهك، و يجعله صادقًا معك، واثقًا فيك، غير خائف منك.
- العدالة، فالكذب و غيره من المشكلات تحدث بسبب انعدام العدالة بين الإخوة.
- الإشادة بصدقه، و مدحه في الاعتراف بأخطاءه، إياك و أن تعاقبه حين يعترف بخطأه، لأنه لن يكرر هذا الاعتراف مرة أخرى، و إنما سيعمد إلى الكذب تجنبًا للعقاب، و تجاهل الأحاديث التي يكذب فيها، لا تصفه بالكاذب.
- التعاون بين الأب و الأم، فليس من المنطق أن يكون أحدهما يقوم بعلاج المشكلة، بينما الآخر يزيد منها.
- عدم انتهاج أسلوب التحقيق الجاف، و إنما أسلوب الرحمة و التفاهم و الطمأنينة.
- ترك مساحة للطفل في أن يلعب و يكون صداقات مع غيره من الأطفال.
- إدخال الشعور بالاحترام إليه، أن تقنع الطفل بأنه كبير في نظرك، سيجعله هذا خائفًا على أن يفقد تلك المكانة في عينيك، ما يجعله يحميها، و يكتسب صفة الاحترام بالفعل.
- تصرفاتك أمام الطفل يقوم هو بتقليدها، لذلك لا تكذب أنت أمامه، ولا تأمره بالكذب، و كن قدوة يحتزى بها.
- اصغِ إليه باهتمام حين يتحدث، و احتويه في حنان في هذه الأثناء.